تهذيب: البؤساء، شاعر فرنسة العظيم، فيكتور هيجو، ترجمة: منير البعلبكي، الرواية الكاملة
سماد الإنسان | فالعلم يعرف اليوم، بعد طول التجربة أن أكثر الأسمدة إخصابا وفعالية، سماد الإنسان. لقد عرف الصينيون ذلك فالفلاح الصيني لا يذهب البتة إلى المدينة من غير أن ينقلب ناقلا عند طرفي عمود البوص الهندي الذي يحمله دلوين مليئين بما ندعوه الغائط. وبفضل التسميد البشري لا تزال الأرض في الصين فتية كما كانت في أيام إبراهيم. ولو أن جميع الزبل البشري والحيواني الذي يخسره العالم قد أعيد إلى الأرض بدلا من أن يلقى به في الماء إذن لكان كافيا لتغذية العالم. | 2028 |
كذلك شاءت تلك الخليقة الخفية التي هي تحولٌ على سطح الأرض وتجلٍّ في السماء. ضع هذا في البوتقة الكبيرة إن خصبك سوف ينبثق من هناك فغذاء السهول يؤلف قوت الناس. إن لك القدرة على أن تطّرح هذه الثروة، وأن تجدني فضلا عن ذلك سخيفا وعندئذ تكون قد بلغت أوج جهالتك. | 2029 | |
البالوعة سوء فهم | إن الأسلوب الحالي يؤذي من حيث يحاول أن يفيد. القصد جيد ولكن النتيجة تعسة. إن الناس يحسبون أنهم يطهرون المدينة فإذا بهم يسقمون السكان. البالوعة سوء فهم وحين يستطيع جهاز التصريف - في كل مكان بمهمته المزدوجة بحيث يعيد ما يأخذ - أن يحل محل البالوعة - ذلك الغسل البسيط المُفقِر - فعندئذ ، وبالاشتراك مع معطيات اقتصاد اجتماعي جديد يزداد نتاج الأرض عشرة أضعاف وتخف وطأة مشكلة الشقاء على نحو فريد | 2030 |
لقد لعبت المواخير والبواليع دورا هاما في القرون الوسطى، وفي الامبراطورية البيزنطية والشرق القديم. فيها ولد الطاعون، وفيها مات الطغاة. وكانت الجماهير تنظر في رعب يكاد يكون تقويا إلى سُرر النتن هذه، مهود الموت الرهيبة. | 2033 | |
إن تاريخ الناس ينعكس في تاريخ البواليع. ومعرض جثث المذنبين يروي قصة رومة. وإنما كانت بالوعة باريس شيئا فظيعا في الزمن الماضي. كانت قبرا، وكانت ملجأ. ففي هذا الثقب اختبأت الجريمة، والذكاء، والاحتجاج الاجتماعي، وحرية المعتقد، والفكر، واللصوصية، وكل ما تلاحقه القوانين الإنسانية أو قد لاحقته. | 2034 | |
إن البالوعة في باريس القديمة، هي ملتقى جميع القنوات وجميع التجارب. إن الاقتصاد السياسي ليرى فيها نفاية، وإن الفلسفة الاجتماعية لترى فيها ثُفلا. البالوعة ضمير المدينة. إن الأشياء كلها تتجه إليها، وتتقابل فيها، في ذلك الموطن المكفهر ظلمات، ولكن ليس فيه أسرار. إن لكل شيء شكله الحقيقي أو على الأقل شكله الحاسم. فمن حسنات ركام الزبالة أنه ليس كذابا. لقد التجأت الصراحة إليه. وجميع قذارات الحضارة تقع، حالما يستغنى عنها، في حفرة الحق هذه، حيث يوضع حد للانزلاق الاجتماعي الهائل. إنها تُبتلع، ولكنها تتجلى هناك. وهذا الاختلاط هو اعتراف. فههنا تنعدم المظاهر الكاذبة، ويتعذر كل تجصيص، ويخلع القذر قميصه، عري مطلق، وانهزام للأوهام وضروب السراب، لا شيء غير ما هو كائن، متخذا صورة الشيء الآفل الكالحة. الحقيقة والزوال. | 2035 | |
إن الحجاب الأخير لينتزع. البالوعة بذيئة. إنها تروي كل شيء. إن أمانة القذارة هذه لترضينا، وإنها لتوقع الطمأنينة في النفس. فحين يقضي الإنسان أيامه على الأرض في احتمال سيما التظاهر والتكلف التي تقتضيها ضرورات الحكم، والقسم، والحكمة السياسية، والعدالة الإنسانية، والنزاهة المهنية، وحراجة الموقف، والأثواب التي لا سبيل إلى إصلاحها، يكون من العزاء له أن يدخل إلى بالوعة، ويرى الوحل الذي يلائمها | 2036 | |
إن على المراقب الاجتماعي أن يدخل هذه الظلال. إنها جزء من مختبره. الفلسفة مجهر الفكر. كل شيء يرغب في الفرار منها، ولكن شيئا لن يفلت من بين أيديها. إن التردد غير مجد. أي وجه من وجوه شخصيتك تجلوه بالتردد؟ .. الوجه الشائن. إن الفلسفة تتعقب الشر بأنظارها النزيهة، ولا تجيز له أن ينزلق إلى العدم. ففي انمحاء الأشياء التي تختفي، وفي صغر الأشياء التي تتلاشى تدرك كل شيء. | 2037 | |
وفي بعض الأحيان كان يخطر لبالوعة باريس أن تفيض، فكأن هذا (النيل) المجحود فضله قد استبد به الغضب فجأة. كانت ثمة ــ وهو شيء فاضح ــ فيضانات بالوعة. فبين الفينة والفينة كانت معدة الحضارة هذه تهضم على نحو سيء، فتفيض البواليع مرتدة إلى حنجرة المدينة، وتتذوق باريس خُلْف وحلها. وهذه المشابه بين البالوعة ووخز الضمير كانت لها حسناتها. كانت ضروبا من التحذير، ولكنها لم تكن تُستقبل إلا أسوأ استقبال. كانت المدينة تسخط إذ ترى إلى وحلها وقد تكشف عن هذه الجراءة كلها، ولم تكن ترتضي عودة الأقذار، اطردوها على نحو أفضل | 2039 | |
ظهور الشيطان
| ووجدوا ثمة أشياء غريبة، من بينها هيكل عظمي لقرد من نوع (أورانغ ــ أوتانغ) كان قد اختفى من حديقة النبات عام 1800، وهو اختفاء لعله أن يكون ذا صلة بظهور الشيطان ذلك الظهور الشهير الذي لا يقبل الجدل، في شارع الـ(بيرناردين) في السنة الأخيرة من القرن الثامن الثامن عشر. لقد انتهى الشيطان المسكين إلى الغرق في البالوعة | 2045 |
البالوعة اليوم في باريس | أما اليوم فالبالوعة نظيفة باردة مستقيمة مضبوطة. وللوهلة الأولى لا بد أن نحسبها توًّا أحد تلك المجازات تحت الأرضية التي كانت في ما مضى شائعة جدا ومفيدة جدا لهرب الملوك والأمراء في تلك العهود السالفة الصالحة يوم (كانت الشعوب تحب ملوكها). البالوعة الحالية بالوعة جميلة | 2048 |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
$$$$ | $$$$ | $$$$ |
تعليقات
إرسال تعليق