أجندة المسلم، او المؤمن To Do List

إن من الدعوات العظيمة النافعة التي كان النبي صلى الله عليه وآله يلازم المحافظة عليها كل صباح ما ثبت في مسند احمد وسنن ابن ماجه من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا.
ومن يتأمل هذا الدعاء العظيم يجد أن الإتيان به في هذا الوقت بعد صلاة الصبح في غاية المناسبة؛ لأن الصبح هو بداية اليوم ومفتتحه والمسلم ليس له مطمع في يومه إلا تحصيل هذه الأهداف العظيمة والمقاصد الجليلة المذكورة في هذا الحديث وهي:
العلم النافع
والرزق الطيب
والعمل المتقبل
وكأنه في افتتاحه ليومه بذكر هذه الأمور الثلاثة دون غيرها يحدد أهدافه ومقاصده في يومه.
ولا ريب أن هذا أجمع لقلب الإنسان وأضبط لسيره ومسلكه، بخلاف من يصبح دون أن يستشعر أهدافه وغاياته ومقاصده التي يعزم على القيام بها في يومه.
ونجد المعتنين بالتربية والآداب يوصون بتحديد الأهداف في كل عمل يقوم به الإنسان، وفي كل سبيل يسلكه؛ ليكون ذلك أدعى لتحقيق أهدافه، وأسلم من التشتت والارتباك، وأضبط له في مساره وعمله.
وما من شك أن من يسير وفق أهداف محددة ومقاصد معينة أكمل وأضبط وأسلم ممن يسير دون تحديد أهداف ودون تعيين مقاصد.
والمسلم ليس له في يومه بأجمعه، بل ليس في أيامه كلها إلا الطمع في تحصيل هذه الأهداف الثلاثة وتكميلها ونيلها من أقرب وجه وأحسن طريق.
وعلى هذا فما أجمل أن يفتتح يومه بذكر هذه الأمور الثلاثة التي تحدد أهداف المسلم في يومه وتعيين غاياته ومقاصده.
وليس المسلم في إتيانه بهذا الدعاء في مفتتح يومه يقصد تحديد أهدافه فحسب، بل هو يتضرع إلى ربه، ويلجأ إلى سيده ومولاه بأن يمن عليه بتحصيل هذه المقاصد العظيمة والأهداف النبيلة، إذ لا حول له ولا قوة ولا قدرة عنده على جلب نفع او دفع ضر إلا بإذن ربه سبحانه، فهو إليه يلجا، وبه يستعين، وعليه يعتمد ويتوكل.
فقول المسلم في كل صباح:
اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا
هو استعانة منه في صباحه وأول يومه بربه سبحانه:
بأن ييسر له العسير ويذلل له الصعاب، ويعينه على تحقيق غاياته المباركة الحميدة.
وتأمل كيف بدأ النبي صلى الله عليه وآله هذا الدعاء بسؤال الله العلم النافع قبل سؤاله الرزق الطيب والعمل المتقبل، وفي هذا إشارة إلى أن العلم النافع مقدم وبه يبدأ كما قال الله تعالى:
وفي البدء بالعلم النافع حكمة ظاهرة لا تخفى على المتأمل، ألا وهي أن العلم النافع به يستطيع المرء أن يميز بين العمل الصالح وغير الصالح، ويستطيع أن يميز بين الرزق الطيب وغير الطيب، ومن لم يكن على علم فإن الأمور قد تختلط عليه، فيقوم بالعمل يحسبه صالحا نافعا وهو ليس كذلك.
والله تعالى يقول:


وقد يكتسب رزقا ومالا ويظنه طيبا مفيدا، وهو في حقيقته خبيث ضار، وليس للإنسان سبيل إلى التمييز بين النافع والضار والطيب والخبيث إلا بالعلم النافع، ولهذا تكاثرت النصوص في الكتاب والسنة وتضافرت الأدلة في الحث على طلب العلم والترغيب في تحصيله وبيان فضل من سلك سبيله:

وقوله صلى الله عليه وآله في الحديث:
علما نافعا
فيه دلالة على أن العلم نوعان:
علم نافع
وعلم ليس بنافع
وأعظم العلم النافع ما ينال به المسلم القرب من ربه والمعرفة بدينه والبصيرة بسبيل الحق الذي ينبغي أن يسير عليه، وتأمل في هذا قول الله تعالى:

فحري بالمسلم في يومه أن يعتني بالقرآن الكريم وبمذاكرته ومدارسته، وأن يعتني بسنة النبي صلى الله عليه وآله المبينة له والشارحة لدلالته ومقاصده.
وقوله في الحديث:
ورزقا طيبا
فيه إشارة إلى أن الرزق نوعان
طيب وخبيث
والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وقد أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى:

 وقال تعالى:

وقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله بتحليل الطيب وتحريم الخبيث
قال تعالى:
فحري بالمسلم في يومه أن يتحرى المال الطيب الحلال والرزق السليم النافع، ويحذر أشد الحذر من الأموال الخبيثة والمكاسب المحرمة.
وقوله في الحديث:
وعملا متقبلا
وفي رواية:
وعملا صالحا
فيه إشارة إلى أنه ليس كل عمل يتقرب العبد به إلى الله يكون متقبلا بل المتقبل من العمل هو الصالح فقط
والصالح هو ما كان لله وحده، وعلى هدي نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسنته
الخلاصة:
فهذا دعاء عظيم النفع كبير الفائدة، يحسن بالمسلم أن يحافظ عليه كل صباح تأسيا بالنبي الكريم صلى الله عليه وآله، ثم يتبع الدعاء بالعمل، فيجمع بين الدعاء وبذل الأسباب، لينال هذه الخيرات العظيمة والأفضال الكريمة، والله وحده الموفق والمعين على كل خير.
========================
المصدر:
المقال منقول بتصرف يسير من كتاب فقه الأدعية والأذكار
لتحميل الكتاب اضغط هنا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفسير الميزان| الطباطبائي| سورة الفاتحة

في ظلال القرآن | سيد قطب| المقدمة