الشيعة في الميزان | محمد جواد مغنية|


تقديم
 بسم الله الرحمن الرحيم
 والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 منذ أكثر من ألف عام،
 وعلماء الإمامية يكتبون ويذيعون عن عقيدة الاثني عشرية
 كيلا ينسب إليهم ما ليس لهم به علم،
 ويستدلون عليها بالنصوص بعد درسها وتمحيصها كيلا يكون لأحد فيها مهمز أو مغمز،
 ويحرصون كل الحرص أن يكون سندها محل وفاق بين جميع المسلمين،
 لأن الشرط الأساسي عندهم لمدرك العقيدة أن يكون قطعي السند والدلالة على حد تعبيرهم أي العلم القاطع بصحة السند، 
ووضوح دلالته وضوحا لا يقبل الشك والتأويل إذا كان المدرك نقلا عن المعصوم...
وبرغم هذا الحرص والتشدد قال قائل:
 كل تشيع من أي نوع كان ويكون فهو رفض أي غلو
وقال آخر:
هو زندقة.
 وتسامح ثالث وتساهل قائلا:
 الشيعة كلهم باطنية.
ولا شئ من هذه الأقوال يقوم على أساس غير التقليد والتعصب،
 لأن الاثني عشرية يعتقدون بأن الغلو شرك، والزندقة إلحاد،
 وإخفاء العقيدة، والتأويل بلا مبرر من الشرع أو العقل بدعة وضلالة...
 وأثبت ذلك بالأرقام في كتاب مع الشيعة الإمامية.
=======================
ويبدأ تاريخ الاختلاف بين المسلمين حول الخلافة، يبدأ باليوم الذي انتقل فيه الرسول الأعظم (ص) إلى الرفيق الأعلى،
 حيث دان قوم بما حدث في السقيفة كأمر واقع لا مفر منه،
 أو لا يجوز الخطأ عليه،
 وأنكروا النص على الولاية بمعنى الخلافة والسلطة مع الاعتراف بولاية أهل البيت على معنى الحب والاحترام،
 ودان آخرون بنصوص الولاية لآل الرسول (ص) على معنى الخلافة،
 وأوضحت ذلك مفصلا في كتاب فلسفة التوحيد والولاية...

وقد اتسع الجدال والنقاش حول الخلافة على مر الزمن،
 ثم تطور إلى التراشق بالاتهامات وخبث الكلمات،
 ولعبت السلطة الحاكمة دورها في التمزيق والتفتيت،
 كما هو شأنها في كل جيل.. 
وحاول المصلحون من الفريقين أن يجمعوا ويوحدوا حرصا على مصلحة الأمة،
 فخفت الوطأة إلى حد،
 بخاصة بعد أن تكررت النكبات والعثرات في كل بلد مسلم..
والآن،
 وبعد أن تراكمت الهزائم والمشكلات عربيا وإسلاميا
 فماذا نحن صانعون إذا لم ندفن الماضي، وننظر إلى المستقبل الطويل العسير، ونواجه بالعمل الجدي الموحد!؟...
 وهذا ما يخافه ويخشاه العدو المشترك..
 فأطلق بلسان أبواقه وعملائه صيحات منكرة لإيقاظ الفتنة
 وكتبوا مقالات مضللة،
 ونشروا كتبا متخمة بالدس والافتراء لا بأي دافع إلا صالح الاستعمار والصهيونية..
 فدعاني هذا إلى أن أعرض عقيدة الشيعة،
 وبخاصة الفرقة الكبرى الاثني عشرية،
 أعرضها على حقيقتها،
 وأدرسها دراسة تفصيلية في ثلاثة مؤلفات هي: (الشيعة والتشيع)
 و (مع الشيعة الإمامية)
 و (الاثنا عشرية)
 وكان لها، ولما كتبه غيري في هذا الموضوع من علمائنا أحسن الأثر،
 بالخصوص عند مشايخ الأزهر،
 وفتوى المرحوم الشيخ محمود بجواز التعبد والأخذ بالمذهب الجعفري أشهر من أن تذكر..
لقد أقبل القراء على كتاب مع الشيعة الإمامية، وأعيد طبعه بعد خمسة أشهر من الطبعة الأولى،
 كما أقبلوا على كتاب الشيعة والتشيع والاثني عشرية.
 ونفذت كل النسخ،
 ولما كثر الطلب على هذه الكتب الثلاثة رغبت إلى صديقي الكريم الأستاذ محمد المعلم صاحب (دار الشروق) بأن ينشرها في مجلد واحد بعنوان (الشيعة في الميزان) فاستجاب وتبنى المشروع، لأنه يتناول عرضا شاملا لعقيدة تكاد تكون مجهولة للكثير من الخاصة فضلا عن العامة،
 ونزولا عند رغبة القراء ورغبتي.. 
فشكرا لله وله، وهو سبحانه المسؤول أن يأخذ بيده وإياي لما يحب ويرضى. والصلاة على محمد وآله معدن التقى والعروة الوثقى..
الشيعة والتشيع

مقدمة
 بسم الله الرحمن الرحيم
 والحمد لله رب العالمين،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وبعد:



فإن هذه الصفحات ليست استئنافا للحملات 

التي قدتها ضد الانتهازيين والمفترين... 
ولا بحثا انتقاديا، أو تأملا فلسفيا،
 وإنما هي عرض لعقائد الشيعة،
 مع إقامة الدليل على أن ما من شئ في عقيدتهم إلا وله مصدر متسالم على صحته عند أهل السنة، حتى عدد الأئمة وحصرهم ب‍ 12 إماما، وحتى العصمة والتقية والجفر وفكرة المهدي المنتظر، وغيرها.



وأشرت إلى أهم دولهم كالفاطميين والبويهيين الحمدانيين والصفويين، وما لهم من آثار قائمة، حتى اليوم، للدلالة على مساهمة الشيعة في الحضارة الإسلامية مساهمة فعالة،

 وترجمت لكل واحد من الأئمة الاثني عشر (ع) ترجمة مختصرة،
 ربما أغنت عن كثير من المطولات،
 كما ذكرت الفوارق بين السنة والشيعة،
 واعتمدت لأكثر ما كتبت على مصادر أهل السنة، والكتب الصحاح عندهم،
 وتركت أشياء تتصل بموضوع الكتاب، لأني كنت قد ذكرتها في بعض مؤلفاتي السابقة،
 وبخاصة كتاب (مع الشيعة الإمامية) وكتاب (الشيعة والحاكمون).
وقد لا يصدق القارئ إذا قلت:
 إن هذه الصفحات هي ثمرة البحث الحر، دون أن أتأثر بأية نزعة شخصية، أو فكرة مذهبية...
 لذا أدع الحكم له وحده، ولا أقطع عليه الطريق بالحمد والثناء على ما كتبت.
ولكن هل يستطيع الإنسان أن يتجرد عن وضعه وتربيته وعقيدته التي نشأواستمر عليها شابا وكهلا؟...
كلا... 
ولكن ليس من الضروري أن تكون كل عقيدة باطلة،
 ولا كل تربية فاسدة... بل قد وقد...
 وتعرف الحقيقة حين تعرض على محك العقل،
 والجدل المنطقي العلمي،
 وهذا ما أريد من القارئ أن يعرفه ويتنبه إليه، 
فأنا لا أدعي التحرر،
 ولكني أطلبه من القارئ، على أن ينظر إلى عقيدة التشيع من خلال الإسلام، وعلى ضوء كتاب الله وسنة نبيه،
 لا من خلال عقله...
 لأن العقل مهما سما يظل مقصرا عن إدراك كثير من الحقائق الإلهية، ككيفية الصلاة، وعدد الركعات، والهرولة في الحج، ورمي الجمار، وما إلى ذاك.
وتقول:
 أراك تهتم كثيرا بأمر الشيعة والتشيع،
 فهل فرغنا من مشاكل الحياة، ولم يبق إلا التعريف بهذه الطائفة وصحة ما تدين به وتعتقد؟.. أو إن هذا أهم وأجدى؟...
أجل،
 إن المشاكل التي نعانيها لا تتصل في واقعها بقضية التشيع والتسنن من قريب أو بعيد،
 بل إن حديث هذه القضية والاهتمام بها يزيد المشاكل تعقيدا، ويجعلها مستحيلة أو عسيرة الحل،
 وهذا ما يريده لنا المستعمرون والصهاينة، أعداء الدين والوطن،
 إنهم يريدون أن نتلهى بالمشاحنات والنعرات الطائفية، ليعزلونا عن الحياة، ويخلو لهم الجو... 
ويظهر أن لهم جهازا ضخما... يعرف مداه من قرأ كتاب (الخلافة) للنبهاني،
 وكتاب (أبو سفيان) للحفناوي،
وكتاب (الخطوط العريضة) لمحب الدين الخطيب، ومجلة (التمدن الإسلامي) التي تصدر بدمشق، والنشرات المتتابعة التي يصدرها (أنصار السنة) بالقاهرة، ومقال الجبهان في مجلة (راية الاسلام) السعودية عدد ربيع الآخر سنة 1380 ه‍، وغيرها وغيرها...
لقد دأب هذا الجهاز - في تآليفه ونشراته - على مهاجمة الشيعة،
 وتصويرهم كطائفة ملحدة مجرمة تكيد للإسلام والمسلمين...
 والغرض الأول هو تنفيذ (الخطوط العريضة) التي رسمها الاستعمار لإيقاظ الفتنة، وإشاعة الفرقة بين المسلمين...
فرأيت من واجبي أن أنبه الأفكار إلى مقاصد هذا الجهاز الفاسد وأهدافه، وأقطع الطريق عليه بالكشف عن عقيدة الشيعة،
 مع الإشارة إلى شئ من تاريخهم،
 ليتبين للناس المزاعم الكاذبة التي لفقها أولئك المأجورون.
وبديهة أن الشيعة ليسوا من القبائل البائدة التي خيم الظلام عليها وعلى آثارها، حتى يتقول عليهم بالحدس والتخمين...
 فهذه بلادهم منتشرة في شرق الأرض وغربها، ومؤلفاتهم العقائدية وغيرها تغص بها المكتبات العامة والخاصة،
 أما علماؤهم فلا يبلغهم الاحصاء، وهم يرحبون بكل من يريد جدالهم ونقاشهم بالحكمة والمنطق...
 إذن يستطيع طالب الحقيقة أن يعرف عقيدة الشيعة من كتبهم وعلمائهم دون الرجوع إلى كتابي هذا... ومع ذلك فقد عرضت عقائدهم بأسلوبي الواضح
 الذي يقتصر على الجوهر واللباب،
 ولا يتكلف الزخرف والتزويق،
 كي لا يبقى عذر لمعتذر بعدم التفهم للعبارات المطولة المعقدة.
هذا،
 إلى أن من يقرأ هذه الصفحات بتأمل وإمعان يتبين له أنها تهدف أول ما تهدف إلى الأخذ والعمل بمبادئ الإسلام وتعاليمه،
 وإذا اهتمت بالتشيع فإنما تهتم به لأنه من الإسلام في الصميم بنص القرآن الكريم، والسنة النبوية، بل هو ركن من أركانه برواية الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري. 
وبالتالي، فإني من الذين يؤمنون أن المستقبل للحب والإخاء الإنساني،
 وأن روح التعصب آخذة بالزوال يوما بعد يوم،
 حتى لا يبقى لها عين ولا أثر - إن شاء الله - وعندها لا يجد الانتهازيون وتجار الطائفية مجالا للدس والتخريب.
والله سبحانه المسؤول أن يستعملنا في مرضاته إنه أرحم الراحمين،
 وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
=======================
التشيع 
هل التشيع فكرة ابتدعها الشيعة من أنفسهم،
 ثم طبعوها بطابع الدين، وصبغوها بالاسلام تمويها ورياء لغايات سياسية، لا تمت إلى الإسلام بسبب قريب أو بعيد،
 أو إن التشيع عقيدة إسلامية، جاءت من عند الله، وبلغها محمد بن عبد الله (ص)، تماما كوجوب الصوم والصلاة، والحج والزكاة؟

وبكلمة هل الإسلام أصل للتشيع، أو إن أصل التشيع أجنبي عن الإسلام؟
وقبل أن نجيب عن هذا التساؤل نمهد بما يلي:
أسباب المعرفة:
مهما اختلف المفكرون في أسباب المعرفة،
 وأنها التجربة أو العقل أو الحدس 
فإنهم متفقون كلمة واحدة
 على أن السبب الوحيد لمعرفة آراء الغير ومعتقداته هي أقواله وتصريحاته...
 فإذا أردنا أن نعرف ما تدين وتعتقد به طائفة من الطوائف الدينية، ونتحدث عن عقيدتها فعلينا أن نسند الحديث إلى أقوالها بالذات،
 إلى كتب العقائد المعتبرة عندها،
 ولا يسوغ بحال الاعتماد على قول كاتب أو مؤلف بعيد عنها دينا وعقيدة،
 لأن هذا البعيد قد يكون جاهلا متطفلا، فيحرف الواقع عن غير قصد،
 أو حاقدا متحاملا، فيفتري بقصد التنكيل والتشهير،
 أو خائنا مستأجرا فيكذب ويدس بقصد التفرقة وإيقاظ الفتنة...
 بل لا يجوز الاعتماد على أقوال راو أو كاتب من أبناء الطائفة نفسها إذا لم تجتمع كلمتها على الثقة بمعرفته وعلمه،
 فإن الكثيرين ممن كتبوا عن طائفتهم وعقائدها قد تجافوا عن الواقع، وخبطوا خبط عشواء، ورفض الكبار من علماء الطائفة أقوالهم، وصرحوا بضعفها وعدم الاعتماد عليها.
وكذا لا يصح الاعتماد على العادات والتقاليد المتبعة عند العوام،
 لأن الكثير منها لا يقره الدين الذي ينتمون إليه،
 حتى ولو أيدها وساندها شيوخ يتسمون بسمة الدين،
 وأوضح مثال على ذلك ما يفعله بعض عوام الشيعة في بعض مدن العراق، وإيران وفي بلدة النبطية في جنوب لبنان
من لبس الأكفان، وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم.
 فإن هذه البدعة المشينة حدثت في عصر متأخر عن عصر الأئمة، وعصر كبار العلماء من الشيعة،
 وقد أحدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون أن يأذن بها إمام أو عالم كبير، وأيدها شيوخ السوء، لغاية الربح والتجارة...
 وسكت عنها من سكت خوف الإهانة والضرر أو فوات المنفعة والمصلحة،
 ولم يجرؤ على مجابهتها ومحاربتها أحد في أيامنا إلا قليل من العلماء،
 وفي طليعتهم المرحوم السيد محسن الأمين العاملي الذي ألف رسالة خاصة في تحريمها وبدعتها، وأسمى الرسالة (التنزيه لأعمال الشبيه)، وقاومه من أجلها أهل الخداع والأطماع.
====================
كتب العقائد عند الشيعة:
ــــــــــــــــــــــ
وكتب العقائد المعتبرة عند الشيعة كثيرة، ومطبوعة تتداولها الأيدي،
 وتعرض للبيع في مكتبات العراق وإيران،
 نذكر منها على سبيل المثال:
 أوائل المقالات،
 والنكت الاعتقادية للشيخ المفيد،
 والشافي للشريف المرتضى،
 والعقائد للشيخ الصدوق،
 وشرح التجريد،
 وكشف الفوائد للعلامة الحلي،
 والجزء الأول من أعيان الشيعة ونقض الوشيعة للسيد محسن الأمين،
 وأصل الشيعة وأصولها للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء،
والفصول المهمة والمراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين،
 ودلائل الصدق للشيخ محمد حسن المظفر.
وبالتالي،
 نكرر - هنا - ما قلناه أكثر من مرة في ردودنا ومؤلفاتنا، وما أعلنه المعتمد عليهم من علمائنا،
 إن الشيعة لا يقرون ولا يعترفون بشئ مما قيل عن عقيدتهم، إذا لم تتفق مع ما جاء في الكتب المعتبرة عندهم.
 سواء أكان القائل مستشرقا أو عربيا، سنيا أو شيعيا، متقدما أو متأخرا.
==================
معنى التشيع:
ــــــــــــــ
لم يكن للعرب وحدة سياسية قبل الإسلام،
فكل قبيلة تحكم نفسها،
 وكل مدينة لا تعرف لغيرها سلطانا عليها،
 وبعد الإسلام أوجد النبي سلطة عامة
[15]

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفسير الميزان| الطباطبائي| سورة الفاتحة

في ظلال القرآن | سيد قطب| المقدمة